عن السيد ابن طاووس الحسني
إن الجنة لتنجد وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان ، فإذا كان أول ليلة منه هبت ريح من تحت العرش يقال لها : المثيرة ، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع ) ، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه ،
وتبرزن الحور العين حتى يقفن بين شرف الجنة ، فينادين : هل من خاطب إلى الله عزوجل فيزوجه ؟ ثم يقلن : يا رضوان ما هذه الليلة ؟ فيجيبهن بالتلبية ، ثم يقول : يا خيرات حسان ! هذه أول ليلة من شهر رمضان ، قد فتحت أبواب
الجنان للصائمين من امة محمد صلى الله عليه وآله . قال : ويقول له عزوجل : يا رضوان ! إفتح ابواب الجنان ، يا مالك ! أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين من امة محمد ، يا جبرائيل ! أهبط إلى الأرض فصفد مردة الشياطين ، وعلقهم بأغلال ،
ثم اقذف بهم في لجج البحار حتى لا يفسدوا على امة حبيبي صيامهم . قال : ويقول الله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات : هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ من يقرض
الملئ غير المعدم والوفي غير الظالم ؟ قال : وان لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عن الافطار ألف ألف عتيق من النار ، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة ، أعتق في كل ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار ، وكلهم قد
استوجبوا العذاب ، فإذا كان في آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره . فإذا كانت ليلة القدر أمر الله عزوجل جبرئيل عليه السلام ، فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الأرض ، ومعه لواء أخضر ،
فيركز اللواء على ظهر الكعبة ، وله ستمأة جناح ، منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر ، فينشرهما تلك الليلة ، فيتجاوزان المشرق والمغرب ، ويبث جبرئيل الملائكة في هذه الليلة ، فيسلمون على كل قائم وقاعد ، ومصل
وذاكر ، ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر . فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل عليه السلام : يا معشر الملائكة ! الرحيل الرحيل ، فيقولون : يا جبرائيل ! فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من امة محمد ؟ فيقول : ان الله تعالى
نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وهؤلاء الأربعة : مدمن الخمر ، والعاق لوالديه ، والقاطع الرحم ، والمشاحن . فإذا كانت ليلة الفطر ، وهي تسمى ليلة الجوائز ، أعطى الله
العاملين أجرهم بغير حساب ، فإذا كانت غداة يوم الفطر بعث الله الملائكة في كل البلاد ، فيهبطون إلى الأرض ويقفون على أفواه السكك ، فيقولون : يا امة محمد أخرجوا إلى رب كريم ، يعطي الجزيل ويغفر العظيم ، فإذا برزوا إلى مصلاهم قال
الله عزوجل للملائكة : ملائكتي ! ما جزاء الأجير إذا عمل عمله ؟ قال : فتقول الملائكة : الهنا وسيدنا جزاؤه أن توفي أجره . قال : فيقول الله عزوجل : فاني أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم فيه رضاى
ومغفرتي ، ويقول : يا عبادي ! سلوني فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلا أعطيتكم ، وعزتي لأسترن عليكم عوراتكم ما راقبتموني ، وعزتي لآجرتكم ) ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الخلود ، إنصرفوا مغفورا
لكم ، قد أرضيتموني ورضيت عنكم . قال : فتفرح الملائكة وتستبشر ويهنئ بعضها بعضا بما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا